بعلبك مدينة المعابد الرومانية والآثار الإسلامية
اختلف المؤرخون حول أصل تسميتها، لكنهم اتفقوا على كونها إحدى أقدم المدن في التاريخ البشري، وتدل الآثار الموجودة فيها على وجود السكان بها منذ حوالي عشرة آلاف سنة.
أسسها الفينيقيون، وأطلقوا عليها اسم بعلبك، وكلمة بعل في لغتهم ترمز إلى إله الشمس، وبك تعني مدينة.
وهناك من يُرجع الاسم إلى ما ذُكر في التوراة، أي بعلبق، وبعل هنا تعني رب، بينما بق تعني البقاع، وهو ما ذكره المؤرخ اللبناني أنيس بن فريحة في كتابه “أسماء المدن والقرى اللبنانية”.
أطلق عليها المسلمون اسم القلعة، في حين كان الرومان يطلقون عليها هليوبوليس، وهي كلمة من أصل يوناني، تعني مدينة الشمس.
ويرجع سبب ارتباط اسمها بالشمس، لكونها لا تغيب عنها سوى خمس وستين يومًا فقط.
قلعة بعلبك العريقة
تعد المعلم الأبرز في المدينة، ويعود إنشاؤها إلى عصور ما قبل التاريخ، وهي من أبرز بقايا آثار الإمبراطورية الرومانية القديمة.
عندما احتلها الرومان عام 47 ق.م، قاموا ببناء المعابد والمعالم الدينية، وقاموا أيضًا بإعادة تشييدها لتكون حصنًا يحمي هذه المباني.
إن هذه القلعة من المعالم التاريخية التي حيرت العلماء، حيث يصل وزن بعض الحجارة المستخدمة فيها إلى ألف وألفي طن.
ومن المؤكد أن نقل أحجار بهذا الوزن إلى ارتفاعات شاهقة كهذه، ليس بالشيء السهل على عمال بسطاء بأدوات بسيطة.
وهو الأمر الذي جعل السكان المحليين قديمًا، ينسبون عملية بناء بعض أجزائها إلى الجن.
وبينما ينظر المهندسون إلى هذه المسألة باعتبارها لغزًا محيرًا، يؤكد رائد الفضاء غيورغي ميخائيوفيتش أن من قام ببناء القلعة هم الفضائيون.
من أهم محتويات قلعة بعلبك:
- الساحة الكبيرة.
- متحف لعرض التماثيل والآثار الرومانية.
- كنيسة من العصر الرابع الميلادي.
- مسجد إبراهيم.
- القلعة العربية.
- البرج المملوكي.
أشهر المعابد الرومانية
تعد بعلبك من المدن ذات الطابع الديني، ويرجع ذلك إلى موقعها الاستراتيجي، الذي جعل منها مزارًا دينيًا مهمًا في أكثر من حقبة زمنية.
وهي تحتوي على ثلاثة من أشهر المعابد الرومانية في العالم مثل:
معبد جوبيتر
بناه الرومان، واستغرق بناؤه ثلاثة قرون، وهو أكبر معبد في بعلبك، ويرمز اسمه إلى إله السماء في الأساطير الرومانية.
تعرض هذا المعبد للكثير من الإهمال، والعوامل الطبيعية التي أدت لتدمير معظم أجزائه، لكن أعمدته الستة ظلت صامدة، وظل السياح يأتون لرؤيتها إلى يومنا هذا.
معبد فينوس
يعتبر من أصغر المعابد الرومانية في العالم، لكنه أجملها أيضًا، فهو مصمَم على شكل دائري يشبه حدوة الحصان.
وقد كان مسرحًا لتكريم إلهة بعلبك بحسب الأساطير، وتم تحويله في العصر البيزنطي، إلى كنيسة تم تسميتها بكنيسة القديسة بربارة.
تدمر معبد فينوس أكثر من مرة بسبب الزلازل، وتهدمت بعض أجزائه جزئيًا وأخرى كليًا، لكن كان يُعاد بناؤها أو ترميمها في كل مرة.
معبد باخوس
يقع أعلى دكة قلعة بعلبك، وهو من أكثر المعابد التي احتفظت بشكلها، وزخارفها المميزة، وقد ارتبط إلى جانب العبادات بشرب الخمر والسمر.
ويستدل على ذلك برسومات سنابل القمح، وعناقيد العنب، التي يتزين بها، وذلك لأن باخوس عند الرومان يرمز للأمل، وحب الحياة.
صخرة المرأة الحامل
هي عبارة عن حجر ضخم يقع بالقرب من المعابد الرومانية، ويزن تقريبًا ألف طن، مما يجعله أحد أكثر معالم بعلبك غرابة وجذبًا للسياح.
سبب التسمية
هناك ثلاث روايات لسبب تسميتها، وهي:
- نسبة لامرأة خدعت أهل المدينة قديمًا، وأوهمتهم بأنها تعرف سر تحريك هذا الحجر العملاق، وستخبرهم به إذا أطعموها حتى تنجب.
- بسبب قدرة هذه الصخرة على منح النساء العقيمات القدرة على الإنجاب.
- أسطورة قديمة تقول إن الجن كان قد أمر النساء الحوامل بنقل هذا الحجر إلى مكانه الحالي.
مغر الطحين
تعتبر من أقدم المناطق الأثرية في بعلبك، وهو عبارة عن كهوف من الصخور، تتميز بكونها متداخلة ومتصلة ببعضها، عن طريق سراديب ذات تصميم هندسي بديع.
وقد كانت مسكنًا للعمال في العصر الروماني، وتم استخدامها لاحقًا كمدافن، ويعد من أقدم الآثار في لبنان.
وسبب التسمية هو أن هذه الكهوف عبارة عن صخور كلسية، وعندما تتفتت فإن شكلها يشبه دقيق القمح المنثور.
المنازل التراثية
يسميها البعض المنازل العثمانية، وذلك لأنها ترجع للعهد العثماني، وهي عبارة عن مباني تراثية تُبرِز فن العمارة المميز للعثمانيين.
وتعتبر بنايات المطران أشهرها، إلى جانب فندق بلميرا، الذي هو في الأصل منزل قديم، تم بناؤه على بقايا المدرج الروماني.
وبالإضافة لكونها معالم تراثية، فقد كان لها بعض الأدوار الأخرى، مثل منزل نخلة المطران، الذي كان بمثابة مركز إداري للدولة.
آثار الحضارة الإسلامية
يغلب الطابع الروماني على معالم مدينة بعلبك بشكل كبير، لكن ذلك لا يعني عدم وجود آثار لحضارات أخرى.
وإحدى أهم هذه الحضارات هي الحضارة الإسلامية، حيث شيد المسلمون العديد من المعالم والمزارات التي تبرز ثقافتهم، ومن أهمها:
الجامع الأموي الكبير
تم بناؤه في العهد الأموي، ويعد من أكبر وأقدم معالم المدينة، ويجمع في تصميمه بين الطابع الإسلامي والبيزنطي.
وقد منحه هذا المزيج التصميمي، شكلًا مميزًا يختلف عن بقية المساجد، وهو ما أكسبه المزيد من الجمال.
مقام السيدة خولة
بالرغم من عدم ورود ذكرها في المصادر التاريخية، إلا أن اسمها ظهر في المصادر الحديثة، وإليها ينسب أحد أشهر مزارات لبنان.
وهو يقع بالقرب من قلعة بعلبك، عند المدخل الجنوبي للمدينة، وتتعدد الروايات حول سبب وفاتها ودفنها في هذه المنطقة تحديدًا.
للموسيقى أيضًا مكان في بعلبك
وبالإضافة إلى التراث والتاريخ، فإن مدينة بعلبك ذات إرث ثقافي كبير، يمثل مصدر فخر واعتزاز لأهلها، وتحرص الدولة على تسليط الضوء عليه.
حيث تقيم مهرجانًا سنويًا، هو مهرجان بعلبك الدولي، والذي يعتبر من أهم المهرجانات الموسيقية في الشرق الأوسط، ويأتي لحضوره ملايين الزوار كل عام.
تمت إقامة المهرجان لأول مرة عام 1956، وتوقف لبعض الوقت بسبب الحرب الأهلية اللبنانية، ثم عاد من جديد عام 1997.
يحرص القائمون عليه كل عام على التعريف بتاريخ المدينة، ومعالمها وتراثها، إلى جانب الموسيقى الكلاسيكية، والحديثة، والرقص الشعبي ورقص الباليه.
ونظرُا لكونها مدينة تاريخية، يعتز سكانها بحضارتها وتراثها، فقد اختاروا إقامة هذا المهرجان على أطلال المعابد الرومانية، في قلعتها العظيمة.
الخلاصة
تتميز بعلبك بكونها مدينة ذات طابع تاريخي ديني مميز، فقد تعاقبت على المدينة الكثير من الحضارات ذات الديانات المختلفة.
معظم معالمها ترجع للحقبة الرومانية، حيث كان الرومان يهتمون بالتوثيق، وبناء المعالم الدينية، لتخليد حضارتهم في جميع المدن التي احتلوها.
وبالرغم من كثرة المعالم الرومانية، إلا أن المدينة عامرة أيضًا بالكثير من المساجد والمزارات الدينية التي تعود للعصور الإسلامية بمختلف مسمياتها.
إن هذا الزخم الحضاري الذي حظيت به بعلبك في الماضي، جعل منها قبلة لملايين السياح، والمؤرخين، والمنقبين الذين يواصلون إلى الآن سبر أغوار هذه البقعة المثيرة للاهتمام.
الاسئلة الأكثر شيوعاً
ما هو الاسم الذي أطلقه الرومان على بعلبك؟
هليوبوليس.
ما أهم ثلاثة معابد في بعلبك؟
تتميز ببعض المعابد مثل:
- جوبيتر.
- باخوس.
- فينوس.
لماذا سميت صخرة الحامل بهذا الاسم؟
هناك ثلاث روايات للقصة، أشهرها أن امرأة حامل خدعت أهل المدينة بأنها ستخبرهم بسر تحريك هذه الصخرة الضخمة إن هم أطعموها لحين وضوعها.
والرواية الثانية هي أنها تمنح النساء العقيمات القدرة على الإنجاب، بينما ذهب البعض إلى أن الجن قد أمر النساء الحوامل قديمًا بنقلها إلى مكانها الحالي.