أسرار وكنوز قصر كليوباترا الغارق تحت مياه الإسكندرية
منذ أن بنى الإسكندر الأكبر مدينة الإسكندرية ولها عشق خاص لكل من يعيش فيها أو يزورها أو حتى يقرأ عنها في أحد الكتب.
فهي المدينة الأولى التي سُميت بهذا الاسم من بين جميع مدن العالم التي تحمل نفس الاسم والتي أمر الإسكندر ببنائهم.
وتشتهر مدينة الإسكندرية في غرب (مصر) بأنها مدينة ساحلية تطل على البحر الأبيض المتوسط وهي من أقدم المدن المصرية.
كانت من أهم المدن في العصور القديمة، ومن أزهى عصورها هي العصور اليونانية والرومانية، حيث كانت العاصمة المصرية حينئذ.
وهكذا فإنك ستجد آثارًا كثيرة منتشرة هناك ما زالت موجودة لتحكي لزوارها تاريخًا وأسرار كل حقبة مرت على هذه المدينة وجعلتها في قمة المدن.
والأمر المدهش هو وجود آثار كثيرة تحت سطح مياه البحر الأبيض المتوسط والتي غرقت نتيجة لبعض الزلازل التي دمرت جزءًا كبيرًا من المدينة.
ولربما ستسمع وتعرف بوجود بعض الآثار التي أصبحت غير موجودة نتيجة للهدم مثل منار الإسكندرية ومكتبة الإسكندرية أو نتيجة للغرق مثل قصر كليوباترا وأسلحة ومعدات حملة نابليون.
وقد تم عمل أعمال درامية كثيرة في معظم دول العالم لقصة العلاقة العاطفية بين (أنطونيو وكليوباترا) وأصبحت تضاهي قصة (روميو وجولييت).
ومن أشهر الأفلام السينمائية، الإنتاج الهوليوودي الضخم الذي يحمل اسم (كليوباترا) ولعبت الممثلة (إليزابيث تايلور) دور الملكة كليوباترا.
حيث يحكي الفيلم جزءًا من قصة الملكة المشهورة، وموقعة (أكتيوم البحرية) وكيف انتحرت كليوباترا بعد موت مارك أنطونيو.
وهذه القصة الرومانسية المشهورة بين (أنطونيو وكليوباترا) نالت شهرتها لارتباطها وحدوثها في الإسكندرية وكانت جزء من تاريخ المدينة العظيم.
للإسكندرية نصيب كبير من البعثات الدولية والمحلية التي تعاونت من أجل انتشال الآثار الغارقة في البحر الأبيض المتوسط.
قصر كليوباترا الغارق والمفقود
كان لهذا القصر شهرة عالمية في العصور القديمة حيث كان قصر الحكم وقتذاك وظل كذلك إلى أن تم فقده أو اختفى من على الأرض.
يعتقد الكثير بأن القصر قد غرق في مياه البحر المتوسط نتيجة لزلزال ضرب البلاد وارتفع مستوى سطح البحر فأغرق جزء كبير من المباني التي كانت بجانبه ومن ضمنها قصر الحكم.
والبعض الآخر يذهب بأن هذا القصر كان يوجد على جزيرة منفرد لم يكن معه أي مباني أخرى وبعد حدوث الزلزال غرق القصر بكل ما فيه.
ولأن كليوباترا عاشت فيه كل حياتها منذ ولادتها وحتى وفاتها وكذلك تزوجت فيه من أخيها بطليموس الثاني وصارعت عليه أخاها بطليموس الثالث.
حينما كانت هي الملكة للبلاد بعد وفاة زوجها، حيث كانت تعرف كل أسرار الحكم وكيف تدير البلاد بذكاء وحكمة نشأت عليها منذ صغرها.
وفي عام 1992 تم العثور على مدينة (هرقليون) أو (ثونيس) التي تحتوي على أحد القصور، يُظن أنه قصر كليوباترا الغارق مع آثار أخرى.
وهذه المدينة كانت غارقة في مياه البحر على عمق عشرة أمتار وتبعد عن مدينة إسكندرية مسافة ست كيلومترات.
تم بناء المدينة قبل ألف ومائتي عام تقريبًا لتكون ميناء تابعًا لدولة الإسكندر ويكون مرتبطًا باليونان، لذا تم العثور على سفن غارقة ومرسى للسفن.
تم اكتشاف أن أرضيات المدينة كانت من الرخام ووجدوا كثيرًا من العملات الذهبية والتوابيت والتماثيل العملاقة، يُعتقد بأن من بينهم تمثال كليوباترا الشهير.
وإلى الآن لم يتم انتشال أي شيء من البحر ومن يريد أن يرى هذه الكنوز عليه الغوص في مياه البحر لمدة ربع الساعة.
بجوار قصر المنتزه، ستجد نادي الرياضات البحرية الذي سيسهل لك كل شيء تحت إشراف المدربين الذين يرافقونك في الغوص.
وتم استخدام أفضل الأجهزة الحديثة لعملية الكشف عن مكان الآثار وعملية انتشال الآثار من البحر فهي عملية معقدة إلى حد ما.
فيتطلب الأمر بعض الترتيبات الخاصة لتعليم الغوص والقدرة البدنية على ذلك وكيفية استخدام الأدوات تحت الماء ووجود إضاءة قوية.
اختفاء قصر كليوباترا بين الأسطورة والعلماء
ذكر العالم (المقريزي) في كتاباته بأن سبب اختفاء قصر كليوباترا في البحر الأبيض المتوسط بسبب حدوث أكثر من زلزال في المنطقة.
حيث كانت توجد جزيرة في البحر الأبيض المتوسط تُسمى (أنتيرودس) وكانت تحتوي على قصر بطليموس (قصر الحكم في عهد البطالمة).
حدث الزلزال الأول في عام 965 بالقرب من جزيرة (كريت) وكان مدمرًا لمباني كثيرة موجودة في شواطئ الإسكندرية.
ثم جاء الزلزال الثاني بعد الأول بحوالي أربعمائة عام، وكان شبيه بالزلزال الأول في شدة تدميره للمباني الموجودة والقريبة من الشاطئ.
وهكذا جعل جميع الأماكن التي كانت متأثرة بالزلزال الأول تختفي وتغرق في البحر الأبيض المتوسط ولا سيما الجزر الصغيرة مثل جزيرة (أنتيرودس).
وبالطبع لم يكن القصر بمفرده، فقد تم غرق جميع المباني حوله مما جعل العلماء يطلقون على الآثار تحت الماء بمدينة (هرقليون).
أما الأسطورة فتحكي بأن الاحتلال الذي حدث للإسكندرية على يد (زنوبيا) ثم استعادة المدينة من المحتلين على يد القائد (أوريليانوس)
وما صاحب هذه الحروب الطاحنة من تدمير لبعض من المباني التي كانت جزءًا من الإسكندرية القديمة جعلها تختفي داخل مياه البحر.
وهكذا نجد أن كلام العالم (المقريزي) أقرب إلى الصواب من الأسطورة لما يوجد من أسباب وعلامات على آثار لزلزالين في العصور القديمة.
المكتشف والاكتشافات
عالم الآثار الفرنسي (فرانك غوديو) أحد أهم علماء الآثار في الوقت الحديث، لما له من اكتشافات حديثة وكان لها صدى واسع في العالم.
من خلال دراسته للتاريخ القديم جيدًا عرف أن قصر كليوباترا لم تتم معرفة مكانه وظل يدرس جميع ما تركه الجغرافيين الإغريق عن هذه الجزيرة.
حيث كان معنى اسم الجزيرة هو (ضد رودس) أي أن الجزيرة كانت في الجانب الآخر من جزيرة (رودس) اليونانية.
وهكذا تم تحديد مكان القصر، وفي عام 1992 طلب من الحكومة المصرية المساعدة في الغوص لكي يكشف عن الجزيرة القديمة.
وتم الكشف عن الحدث الجلل وأخرج للعالم كله أسرار البحر وما كان يحوي في مياه من:
- ممشى ذو أرضية رخام، أعتقد أنه جزء من القصر المتهدم الذي كانت تسكنه كليوباترا.
- معبد للآلهة المصرية (إيزيس) به ستون عمود من الجرانيت في سلسلة المدخل الطقسي الرئيسي للجزيرة.
- ميناء صغير ذو درجات رخامية مع أحواض للسفن.
- بقايا سفينة محطمة مثقوبة نتيجة ارتطام قارب صغير بها.
- رأس حجري (بقايا تمثال).
- بعض الألواح المزينة بالنقوش الفرعونية، حيث كان يزين البطالمة قصورهم بالنقوش الفرعونية.
- قصر (تيمونيوم) الذي لم يكتمل، عثر عليه أيضًا على هذه الجزيرة.
نبذة عن حياة الملكة كليوباترا
عاشت كليوباترا في الإسكندرية جميع مراحل حياتها منذ ولادتها حتى وفاتها وكانت من أشهر النساء في التاريخ التي تقلدت الحكم.
حيث أصبحت الملكة الأكثر شهرة بين الملكات اللائي كان لهم دور في حكم بلادهم واسمها معروفًا في تاريخ قارة أوروبا وكذلك مصر.
كانت أخر الملوك للفراعنة وللعصر البطلمي في مصر قبل معركة (أكتيوم البحرية) التي انتصر فيها (اوكتافيوس) إمبراطور الدولة الرومانية.
تزوجت كليوباترا كثيرًا وكان أخر زوج لها هو (مارك أنطونيو) الذي شاع بينهم قصة حب كبيرة وخالدة وسط أعمال الكتاب والشعراء في مصر وأوروبا.
بعد مقتل زوجها (مارك أنطونيو) حزنت عليه كثيرًا ولم ترغب في البقاء بعده فانتحرت وماتت في قصرها الذي يعتقد البعض أنه غرق في البحر إلى الآن.
الخلاصة
دائمًا تبهرنا الحضارة المصرية القديمة وفي كل مرة نقول بإن لم يعد لدى الحضارة المصرية القديمة شيء لتظهر لنا.
يتم مفاجأتنا بأحداث عظيمة واكتشافات تذهلنا ولا سيما المدن والآثار الغارقة في البحر الأبيض المتوسط.
من هذه الأثار التي تدل على عظمة الحضارة القديمة وعظمة من كان يعيشون وقت ذاك هو قصر الملكة كليوباترا الغارق في مياه البحر.
وقد تم اكتشاف هذا القصر في عام 1992 ويُرجح بأنه هو قصر كليوباترا أخر الفراعنة وأخر الحكام قبل عصر الإمبراطورية الروماني.
وستجد في هذا القصر ما يجعلك تقف مندهشًا لما ستراه من كنوز وآثار عظيمة ما زالت تحكي أسرار وتاريخ هذا العصر من التاريخ.
الاسئلة الأكثر شيوعاً
أين يقع آثار قصر كليوباترا الآن؟
مازال يعتقد بأن آثار قصر كليوباترا والمدفن الخاص بها تحت الماء إلى الآن ومن يريد رؤيته عليه بالغوص في البحر لرؤيته.
أين مكان مدينة هرقليون الذي به الآثار الكثيرة؟
وجد العلماء مدينة هرقليون في مقابل الميناء الشرقي لمدينة الإسكندرية على مسافة ست كليو مترات وعلى عمق عشرة أمتار.
هل توجد آثار أخرى غارقة في البحر غير قصر كليوباترا؟
توجد آثار كثيرة غارفة في مياه البحار والمحيطات ولا سيما البحر الأبيض المتوسط، الذي يمتلئ بالآثار القديمة والحديثة.