خان الفرنج أكبر مركز للتجارة في صيدا القديمة

خان الفرنج أكبر مركز للتجارة في صيدا القديمة

كان التجار في العصور القديمة يسافرون لمسافات بعيدة متنقلين بين المدن على ظهور دوابهم ومعهم بضاعتهم لكي يقوموا ببيعها.

ومن هنا ظهرت الحاجة إلى أماكن يستطيعون المبيت والاستراحة داخلها في تلك المدن، وفي نفس الوقت تسمح لهم بتخزين أمتعتهم وممارسة التجارة.

ونتيجة لذلك ظهر مفهوم “الخان” الذي يخدم التجار القادمين من المدن الأخرى.

وقد كانت المدن الساحلية القديمة هي أكثرها انتعاشًا من ناحية التجارة، ومنها مدينة صيدا اللبنانية.

ونتيجة لذلك احتضنت مدينة صيدا 6 خانات قديمة، لم يبق منها في الوقت الحالي سوى اثنين وهما: خان الرز و“خان الفرنج” وهو الأكبر حجمًا والأكثر حفاظًا على عمارته الأصلية.

ما هو الخان؟

كلمة الخان ليس لها أصل في اللغة العربية، ولكنها مشتقة من اللغة الفارسية وتعني حانوت أو دكان، أما كلمة “خانة” فمعناها البيت الذي يسكنه التاجر.

تعريفه

هو نوع من المنشآت ذات وظيفة تجارية وفندقية، فقد كان مكانًا لمبيت التجار القادمين من خارج المدينة، ومكان لتخزين وعرض بضاعتهم، لذلك فيمكننا ببساطة وصفه كفندق للتجار.

وقد كانت الخانات قديمًا تبنى داخل المدينة أو خارجها لتوفير خدمة المبيت للتجار في أثناء رحلتهم.

أما عن أنواع الخانات القديمة فكان هناك نوعان: خان التجارة وخان البريد.

كان خان التجارة خاص لمبيت التجار وتخزين وعرض بضاعتهم، أما خان البريد فكان مخصص لمبيت واستراحة رجال البريد في أثناء تنقلهم لتوزيع الرسائل بيت المدن.

تاريخ خان الفرنج

يندرج هذا البناء تحت فئة الخان التجاري وهو أكبر خانات مدينة صيدا، وأكثرها ازدهارًا في العصور القديمة فقد كان بمثابة مركز تجاري للمنطقة.

وقد كان بناء خان الفرنج جزءًا من إعادة تعمير مدينة صيدا وجعلها ميناء تجاري لبلاد الشام، وقد عمل كحلقة وصل بين التجارة في أوروبا والتجارة في الشام.

ويقع الخان في مدينة صيدا القديمة شمالي لبنان بالقرب من المرفأ وقلعة صيدا البحرية بين الساحل والأسواق القديمة.

بناء الخان

يرجع تاريخ بناء الخان إلى العصر العثماني في القرن 16 م، وتنسب الكثير من المصادر بناءه إلى والي لبنان الأمير فخر الدين المعني الثاني.

بينما يذكر بعض علماء الآثار أن مؤسسه الحقيقي هو الصدر الأعظم “صقللي محمد باشا”.

وقد بلغ أوج ازدهاره وانتعاش التجارة فيه خلال القرن 19، حيث أصبح المركز التجاري الرئيسي في صيدا وتوافد إليه التجار من مختلف أنحاء أوروبا ولا سيما فرنسا.

الخان في العصور الحديثة

خضع الخان لعدة ترميمات على مر العصور نظرًا لتعرضه للكثير من التصدعات نتيجة ظروف مختلفة مثل الحرائق والزلازل.

وحتى الوقت الحالي يعمل الخان كمركز ثقافي، ويستضيف عددًا من المؤسسات والمراكز الاجتماعية ومنها:

  • مؤسسة أناملنا وهي مؤسسة خاصة بتمكين المرأة من خلال تعليم الحرف اليدوية.
  • المركز الثقافي الفرنسي حيث تقام الدورات والامتحانات الخاصة بطلاب المركز.
  • مكاتب تخص وزارة الشئون الاجتماعية.
  • مكتب يخص وزارة السياحة.

وكذلك يشهد الخان العديد من الأنشطة الثقافية والفنية والتراثية على مدار العام مثل:

  • المعارض الفنية.
  • المهرجانات والعروض التراثية.
  • الفعاليات المختلفة للمركز الثقافي الفرنسي.
  • معارض للحرفيين والمنتجات اليدوية.
  • حفلات غنائية وموسيقية.
  • أنشطة ترفيهية وتعليمية للأطفال.

تسمية الخان

كلمة “الفرنج” أو “الإفرنج” تعني الفرنسيين، وقد اكتسب الخان هذا الاسم نتيجة لكثرة إقامة التجار الفرنسيين فيه، وقد كان أيضًا مقر للقنصل الفرنسي.

عمارة خان الفرنج

أكثر ما سيذهلك عند زيارتك له هو حجمه الشاسع حيث تبلغ مساحته 4225 م2 تقريبًا، ويتبع الخان التصميم التقليدي الذي يتخذ شكلًا مستطيلًا.

الخان مصنوع من الحجر الرملي، وجدرانه الخارجية يتخللها بعض النوافذ وهي خاصة بالغرف الموجودة بالطابق العلوي، بالإضافة إلى وجود “المزاغل” في جدرانه.

والمزاغل هي فتحات ضيقة كانت توجد في جدران المنشآت الحربية القديمة، ووجود هذه المزاغل في جدران الخان دليل على الوظيفة الحربية له بجانب وظيفته التجارية والسكنية.

المداخل

يمكن الدخول له من مدخلين:

المدخل الرئيسي يقع في الناحية الشمالية حيث يطل على البحر، وهو باب كبير فوقه عقد حجري مقوس ويعلوه قبة، والمدخل الثاني يوجد في الناحية الجنوبية ويؤدي إلى ساحة السراي.

وكان لهما بوابات كبيرة من الحديد تنقسم إلى قسمين، بوابة عالية مخصصة لدخول الدواب وداخلها باب صغير لدخول الأشخاص.

الصحن

يتوسط المبنى صحن مكشوف واسع يحيط به أروقة (ممرات مسقوفة) من جميع الاتجاهات، وكان قديمًا يتوسط هذا الصحن بركة مياه بها نافورة، وقد كانت مخصصة لشرب الدواب.

الطابق السفلي

فيما يخص الدور السفلي، فكان هناك غرف تطل على الصحن مخصصة لتخزين المؤن والبضائع، تلك الغرف لها أبواب ونوافذ خشبية جميلة على الطراز العثماني.

وتفتح الغرف على عدد من الأروقة (الممرات المسقوفة) المتصلة ببعضها البعض، واجهة تلك الأروقة تتخذ شكل العقود نصف الدائرية وتفتح على الفناء الواسع.

تلك العقود هي أول ما يجذب نظرك عند دخول الخان، حيث تجدها منتظمة بجوار بعضها البعض بشكل متناسق وجميل، وسقفها مغطى بالقباب.

الإسطبل

وفي الجانب الشرقي من الطابق السفلي وجد الحوش الخاص بمبيت الدواب (إسطبل)، وقد كان وجوده ضروريًا نظرًا لأن التجار كانوا يسافرون من مدينة لأخرى بواسطة دوابهم.

الإسطبل عبارة عن قاعة ضخمة مغطاة بعقود ترتكز على دعامات مستطيلة ضخمة، وفي وسط الإسطبل يوجد بئر، يتكون من بناء مستدير يصل بين الأرض والسقف وبه فتحة في جداره.

الإسطبل

الطابق العلوي

على يمين المدخل الرئيسي يوجد درج يؤدي إلى الطابق العلوي من الخان، وهو عبارة عن أربعة أروقة مسقوفة تطل على الصحن من خلال فتحات ذات عقود نصف دائرية.

وتفتح هذه الأروقة على عدد من الغرف كانت مخصصة لمبيت النزلاء والمسافرين.

البيت القنصلي

هو بيت مجاور لخان الفرنج، وقد كان خاصًا بالأمير فخر الدين المعني الثاني وأغلب الظن أنه قد بناه كمسكن لنسائه ثم تحول بعد ذلك إلى مقر للقنصل الفرنسي.

يوجد باب بهذا البيت يصله بالخان وهذا ما جعل الكثير يعدونه جزءًا منه، وتصميمه عبارة عن 6 غرف مغطاة بأسقف خشبية.

الخان الصغير

يقع في الجنوب الغربي من الخان الكبير ويتصل بشكل مباشر بالبيت القنصلي، ويعلو هذا الخان قبة صغيرة.

أفضل الأنشطة التي يمكن القيام بها عند زيارته

يمكنك زيارة الآثار القريبة من الخان حيث يوجد في نفس المنطقة الكثير من المنشآت العتيقة نظرًا لأنها منطقة حدود المدينة القديمة ومنها:

  • قلعة صيدا البحرية.
  • معبد أشمون.
  • المسجد العُمري الكبير.
  • متحف الصابون.
  • قصر دبانة.
  • حمام الجديد.
  • قلعة صيدا البرية.

تستطيع كذلك أن ترتب موعدًا لزيارتك يتوافق مع مواعيد فعاليات الخان لكي تستمع بحضورها.

من الأنشطة الممتعة أيضًا الصعود إلى سطح الخان والاستمتاع بالمشهد من الأعلى حيث تستطيع أن ترى ساحل صيدا.

إن كنت من محبي التقاط الصور التذكارية، فالخان يعد موقع ممتاز للتصوير حيث يكسوه الطابع العتيق وهو يستخدم أحيانًا كموقع لتصوير الأفلام والمسلسلات التاريخية.

بعد انتهاء جولتك داخل الخان أنصحك بتناول الطعام في أحد المطاعم القريبة منه وأشهرها مطعم خان المير الذي يتميز بمناخه التراثي الجميل.

الخلاصة

خان الفرنج هو أكبر خانات مدينة صيدا القديمة، وأشهرها حيث كان مركز للتجارة في القرن 19.

وقد كان له وظيفة سكنية وهي مبيت التجار القادمين من خارج المدينة، ووظيفة تجارية حيث كان مكان لتخزين وعرض بضاعة التجار.

ويتميز الخان بحجمه الكبير الذي يتوسطه صحن مكشوف يحيط به طابقين من الغرف المفتوحة على أروقة مسقوفة.

الغرف في الطابق السفلي كانت مخصصة لتخزين البضائع، بينما غرف الطابق العلوي كانت خاصة بمبيت التجار.

نجد كذلك بعض الملحقات بالخان مثل: الإسطبل والخان الصغير.

أما في الوقت الحالي فالخان مقر للعديد من المكاتب والمؤسسات الثقافية.

الاسئلة الأكثر شيوعاً

ما الذي يميز خان الفرنج في صيدا؟

يتميز خان الفرنج بما يلي:

  • حجمه الشاسع.
  • حالته المعمارية الجيدة.
  • موقعه المتميز بقرب الساحل.
  • وجوده في مدينة صيدا القديمة بالقرب من العديد من آثارها العتيقة.
  • أنه مازال مستخدم حتى الآن ويشهد فعاليات ومعارض مختلفة.

أين يقع خان الفرنج؟

يقع خان الفرنج في مدينة صيدا القديمة على ساحل لبنان، بالقرب من المرفأ وقلعة صيدا البحرية.

مقالات ذات صلة
أضف تعليق: