تراث أبو ظبي العريق في مهرجان قصر الحصن

تراث أبو ظبي العريق في مهرجان قصر الحصن

في زيارتك للإمارات وعند مرورك بأبو ظبي في الفترة من نوفمبر وديسمبر من كل عام، قد يحالفك الحظ بحضور أحد أهم المهرجانات التراثية في عاصمة الإمارات وهو “مهرجان قصر الحصن”.

يعد هذا المهرجان نقطة التقاء بين الماضي والحاضر والمستقبل فهو مهرجان تراثي ثقافي يحتفي بتاريخ الإمارات وتراثها الحي ويربطه بالفنون والثقافة المعاصرة.

لذلك اختارت دائرة الثقافة والسياحة بأبو ظبي إقامة هذا المهرجان العريق في منطقة الحصن التي تضم القصر وهو أقدم بناء تاريخي بها، ويعد أحد أهم المعالم التراثية للإمارة.

موقع المهرجان وأقسامه

يُقام المهرجان سنويًا في منطقة الحصن الثقافية التي تضم قصر الحصن والمجمع الثقافي وبيت الحرفيين والمجلس الوطني الاستشاري، وتعتبر أهم منطقة أثرية ثقافية في الإمارة.

أبوظبي

قصر الحصن

وضعت قبائل بني ياس أساسات الحصن في منتصف القرن الثامن عشر لاستخدامه كبرج مراقبة لحماية مصادر المياه العذبة التي اكتشفوها في جزيرة أبو ظبي.

ثم تم بناء القصر عام 1795 بأمر الشيخ شخبوط بن ذياب آل نهيان ليصبح قلعة محصنة ومقر إقامة له ولعائلته، وأصبح الحصن أول مبنى مُشيد بالأحجار المرجانية بالمنطقة.

تم توسيع المنطقة المحيطة بالقلعة وتطويرها أكثر من مرة خلال إقامة أسرة آل نهيان الحاكمة بها في مطلع القرن العشرين.

وبعدما تسلم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الحكم، حوَّل الحصن إلى مقر إداري، ثم قرر ترميمه في الفترة بين 1976 حتى 1983 ليشمل حدائق داخلية ونوافير مياه وأعمدة إنارة.

وفي العصر الحديث تولت هيئة الثقافة والتراث تطوير وترميم القصر لافتتاحه للجمهور عام 2018، وأضافت إليه متحفًا يضم مقتنيات تراثية من الأسر الحاكمة التي تعاقبت عليه.

بيت الحرفيين

يعكس هذا البيت رغبة الدولة في الحفاظ على الهوية الإماراتية ونقل موروثها الحضاري والثقافي إلى الأجيال المتعاقبة من خلال إحياء الحرف التقليدية والممارسات القديمة.

يطل البيت على ساحل الإمارة ويختص بالحرف التابعة للساحل من حرف بحرية اشتهرت بها الإمارات مثل: صيد السمك واستخراج اللؤلؤ.

بالإضافة إلى اهتمامه بالحرف الصناعية الأخرى التي مارسها بدو الصحراء والواحات على مدار السنين مثل السدو (النسيج اليدوي) الذي أدرجته اليونيسكو عام 2011 في قائمة التراث المادي.

النسيج اليدوي

المجمع الثقافي

في حين يختص قصر الحصن باستعراض تاريخ الإمارات وثقافتها وتراثها، كان لابد من وجود مكان لاستعراض الفن الحديث والمعاصر وإقامة المعارض الفنية.

لذلك أمر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بإقامة المجمع الثقافي عام 1981 بجوار القصر كنقطة التقاء بين الماضي والحاضر.

ويضم المجمع الثقافي مركزًا للفنون البصرية ومكتبة وطنية وجناحًا لعروض الأداء وقاعات المعارض وورش العمل.

المجلس الوطني الاستشاري

أسسه الشيخ زايد بن سلطان في الفترة من 1968 إلى 1970 ليصبح شاهدًا على أهم القرارات التي اتخذتها الإمارات في مسيرة تطورها.

كما شهد هذا المجلس أهم الاجتماعات لمناقشة قرارات اتحاد الإمارات العربية المتحدة عام 1071، فأصبح مكانًا تاريخيًا هامًا في الدولة.

أهداف المهرجان

يُقام المهرجان سنويًا منذ عام 2013 تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي، بتنظيم من هيئة السياحة والثقافة.

ويهدف المهرجان إلى الاحتفاء بتاريخ ونشأة الإمارة وإعادة إحياء الموروث الثقافي للإمارات وتعريف الأجيال الجديدة بتاريخ الأجداد والمؤسسين حتى يترسخ لديهم الاعتزاز بهويتهم الإماراتية.

لذلك يركز المهرجان كل عام على استضافة الزائرين من مختلف الأعمار لاستكشاف التراث العريق للثقافة الإماراتية القديمة مع الثقافة المعاصرة.

في افتتاحية المهرجان عام 2019 قال محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة:

تكمن أهمية منطقة الحصن الثقافية، في كونها مساحة مجتمعية مفتوحة لتبادل المعرفة وازدهار الفنون، حيث تلتقي الإمكانات الجديدة مع كل عناصر المشهد الثقافي المزدهر في العاصمة الإماراتية.

وبذلك يعكس المهرجان صورة حية عن أبو ظبي من خلال موضوعات مختلفة كل عام، إما عبر التركيز على الإمارة في الماضي والحاضر والمستقبل، أو التعرف عليها من منظور البحر والصحراء والمدينة.

كل ذلك يظهر في الفعاليات التي تعيد إحياء الحياة اليومية لشخصيات عاشت داخل القصر.

بالإضافة إلى تعريف الزائرين على الحرف التقليدية التي مارسها الإماراتيون على مر الزمان، وصولًا إلى التبادل الثقافي المعاصر للأعمال الفنية المختلفة.

فعاليات مهرجان الحصن

يهتم مهرجان الحصن سنويًا بإقامة فعاليات كثيرة ومتنوعة لحماية تراث الإمارة وتعزيزه مع ترسيخ مكانتها كوجهة ثقافية متميزة تجمع بين التراث والحداثة.

الفعاليات الثقافية

تقام هذه الفعاليات في المجمع الثقافي بقاعاته المختلفة ومن العروض التي تقدم في المجمع:

  • العروض المسرحية التي تعكس الحياة اليومية للأجداد، والعادات والتقاليد القديمة لمن عاشوا بالقصر.
  • الحفلات الموسيقية حيث يستضيف المهرجان فرق موسيقية مختلفة من جميع أنحاء العالم، مع حفلات لفنانين إماراتيين محبوبين.
  • المعارض الفنية لرسامين من الإمارات ومن دول أخرى.
  • ورش العمل المخصصة لتعليم الحرف التقليدية والتراثية المختلفة للأطفال والكبار.
  • البرامج التفاعلية من أفلام وثائقية وتاريخية.

هذه البرامج المختلفة تساعد الزائرين على استكشاف العادات والتقاليد بمجتمع أبو الظبي مع التركيز على التبادل الثقافي المعاصر لعروض فنانين من جميع أنحاء العالم.

الفعاليات التراثية

جوهر مهرجان الحصن هو التعرف على تراث وثقافة العاصمة الإماراتية وفهم الماضي العريق للحصن وتاريخ حضارة الإمارات العربية المتحدة.

لذلك تقدم منطقة الحصن فرصة للزائرين لاستكشاف الهندسة المعمارية الإماراتية التقليدية، والتعرف على الأهمية المعمارية والأثرية للحصن.

وفي معرض القصر، يستطيع الزائرون معرفة قصة الإمارة وأهلها من خلال القطع الأثرية والشهادات المسجلة للمواطنين والصور التاريخية المهمة التي تروي قصة الحصن.

ويهتم المهرجان بتعريف زائريه على عناصر التراث الثقافي المعنوي التي تم إدراجها على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي ومنها:

  • المجلس: وهو بمثابة منتدى لتبادل الحوار والنقاش في مجالات الحياة الإماراتية المختلفة، سواء في المجالس الحكومية أو المحلية.
  • القهوة العربية: المشروب الشعبي الترحيبي وطقوس تحضيره وتقاليد تقديمه في الإمارات.
  • الرزفة والعازي والعيالة: هي فنون شعبية تراثية تجمع بين الأداء الحركي والشعر التقليدي أو النبطي، ويؤديها الرجال في المناسبات المختلفة بحركات مختلفة.
  • الصقارة: يُقصد بها رياضة صيد الصقور التي ظهرت في المنطقة منذ 4000 سنة.
  • فن التغرودة: أحد أنماط الشعر المرتجل الغنائي الذي نشأ في البيئة الصحراوية والمناطق الجبلية والقرى الريفية بالإمارات.
  • السدو: هو حرفة حياكة النسيج البدوي التقليدي التي تمارسها المرأة الإماراتية البدوية وتصنع من خلالها السجاجيد والبطانيات والوسائد وغيرها.

بيت القهوة

يعكس بيت القهوة عادات الكرم والضيافة الإماراتية وذلك من خلال تحضير القهوة العربية للزائرين حتى يستمتعوا برائحتها ومذاقها الفريد ويتعرفوا على مجلس آداب القهوة.

كما يقام في البيت النسخة العربية لبطولات القهوة ويتم توزيع الجوائز في المهرجان سنويًا.

القهوة العربية

ورش العمل في بيت الحرفيين

يهتم بيت الحرفيين بالحفاظ على الحرف اليدوية التقليدية الموروثة من الأجيال السابقة على مر الزمان ونقلها للأجيال المتعاقبة حتى لا تذهب طي النسيان.

لذلك تُقام ورش العمل التي تركز على تعليم تلك الحرف والمهارات ومنها الحياكة والنسيج وغزل الصوف الخام وصناعة الدُمى التقليدية والسدو.

كما تخصص بعض الورش لتعليم الأطفال هذه الحرف للتعرف على إرث أجدادهم، وقصة التحولات التي مر بها أهل أبو ظبي والتي نقلت الإمارة من الحياة القبلية البسيطة لتصبح إحدى أهم المدن العالمية.

عرض المتحف الحي

يحتوي متحف قصر الحصن على قطع ومقتنيات تراثية قديمة ذات أهمية تاريخية كبيرة، منها:

  • قطع تم استعارتها من متحف العين.
  • قطع من مقتنيات هيئة الثقافة والسياحة.
  • قطع أثرية من موقع الحصن.
  • مقتنيات خاصة بعائلة آل نهيان مثل: مقتنيات الشيخ شخبوط آل نهيان، والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ومقتنيات من عصر الشيخ زايد الأول، وغيرها.

ويرجع عمر هذه القطع لمئات وآلاف السنين، حيث إن أقدم قطعة بالمتحف عمرها 3000 عامًا، وكلها تحكي قصص وأمجاد المؤسسين والأجيال السابقة.

في إحدى نسخ المهرجان أقيم عرض المتحف الحي في القصر بمشاركة عدد من الممثلين لإعادة إحياء مشاهد من الحياة اليومية لشخصيات عاشت بالقصر.

ومن هذه المشاهد مشاهد لتقاليد استقبال الوفود والصقارة وطرق لعب الأطفال داخل القصر واحتفالات الزفاف وغيرها من التقاليد التراثية العريقة.

بالإضافة إلى عرض عدد من مقاطع الفيديو والتسجيلات لعدد من الرواة الذين مروا على الحصن وسجلوا قصصهم وشهاداتهم لإثراء محتوى المتحف.

فعالية التراث الحي

في نفس النسخة من المهرجان أقيمت “فعالية التراث الحي” في ساحات القصر الخارجية واستعرض خلالها الحرفيون مهاراتهم في السلع اليدوية مثل:

  • العطور.
  • المنسوجات والملابس التقليدية.
  • السدو والغزل.
  • الحناء.

الخلاصة

تمتلك الإمارات وأبو ظبي تراثًا استثنائيًا مبنيًا على اعتزازها بعاداتها وتقاليدها وحِرفها القديمة.

فهذا الاعتزاز والتمسك بالتراث كان الدافع الرئيسي في تحولها من الحياة القبلية لتصبح من أهم المدن المتطورة حديثًا.

لذلك كان الهدف مهرجان قصر الحصن الحفاظ على التراث الإماراتي والحرف التقليدية من الاندثار ليتوارثها الأجيال ويفتخروا بها.

يُقدم المهرجان سنويًا معلومات ثرية عن تاريخ أبو ظبي وأهلها وكيف عاشوا في الماضي.

بالإضافة إلى استضافة عروض فنية معاصرة من جميع أنحاء العالم لتصبح منطقة الحصن حلقة وصل بين الماضي والحاضر.

الاسئلة الأكثر شيوعاً

ما موعد مهرجان الحصن؟

يُقام المهرجان سنويًا لمدة 10 أيام في نهاية العام بين شهري نوفمبر وديسمبر.

أين تقع منطقة الحصن؟

يقع في منطقة الحصن عند تقاطع شارع الشيخ راشد بن سعيد مع شارع حمدان.

مقالات ذات صلة
أضف تعليق: