المتحف الوطني للخزف في مدينة آسفي المغربية

المتحف الوطني للخزف في مدينة آسفي المغربية

اكتسبت الحرف اليدوية قديمًا أهمية مؤثرة في حياة من أتقنوا صناعتها، وباتت مع مرور الوقت ذات قيمة ودلالة تاريخية عظيمة، تحمل إرث ثقافي لا غبار عليه.

وإذا كنت ممن يعشقون الفن والإبداع، وتهوى نفسك استكشاف عبق الماضي، عليك أن تبحث في تاريخ بلدك، وتنقب فيه عما تركه الأجداد وسط دروب الحياة، حتمًا ستجد كنوز لا تقدر بثمن.

ولعل من أبرز تلك الاكتشافات التي تحكي لنا عن ثقافة الشعوب في أزمان فائتة، هي ما امتهنه السابقون من حرف، ارتبطوا بها، وانعكست بشكل كبير على وجدانهم ومعتقداتهم.

ولا عجب أن معظم هذه الحرف قد اندثرت ولم يعد لها وجود في وقتنا الحاضر، بفعل الزمن والتغيرات المختلفة التي طالت كل شيء.

تاريخ المتحف

تعرضت مدينة آسفي المغربية إلى الاحتلال البرتغالي، والذي استمر قرابة 6 سنوات، في الفترة من عام 1508 حتى عام 1514.

خلال هذه المدة، استوطن البرتغاليون المدينة، وأقاموا في واحدة من القلاع التي تم تشييدها في العهد الموحدي، وتمكنوا من إقامة حصن لا زال حتى اليوم يحمل نقشًا عليه شعار ملكهم إيمانويل الأول.

ومع مرور السنوات، تحولت هذه القلعة إلى مقر للمتحف الوطني للخزف، يقصده الزوار من كل أنحاء العالم، قبل أن يجرى نقله إلى أحد القصور المعروفة، ويعاد ترميمه، ليظهر بالشكل الذي عليه اليوم.

يطل المتحف على تل الفخارين في منطقة القصبة، التي امتلكت سجلًا حافلًا من البطولات والمقاومة ضد جيوش الاحتلال.

وتضم منطقة القصبة الأثرية عددًا من القصور المغربية الشهيرة، والتي تمثل نموذجًا للفن المغربي الأندلسي، منها: قصر المولى هشام، ابن السلطان سيدي محمد بن عبد الله، والذي عرف باسم “دار السلطان”.

ترميمه

أولت الحكومة المغربية اهتمامًا كبيرًا بالمتحف الوطني للخزف في آسفي، بعد تعرضه للإهمال خلال السنوات الماضية.

يذكر أن تكلفة ترميمه وتجديده بلغت نحو 4.5 مليون درهم، وسط دعم قوى من جانب عدد من المؤسسات، مثل: مؤسسة المكتب الشريف للفوسفاط، والمؤسسة الوطنية للمتاحف.

عاصمة الخزف

اشتهرت مدينة آسفي بمسميات عديدة، فقد أُطلق عليها اسم مدينة الفنون، واعتبرها آخرين أحد أقدم مراكز صناعة الخزف في المغرب.

يكمن السبب في ذلك لتفردها باحتضان كافة أشكال الفنون والصناعات المغربية المختلفة، منذ قديم الزمان.

يشار إلى أنه في عام 1994، خضعت بعض أجزاء من المدينة المغربية إلى مسحة جيولوجية، من جانب إحدى المؤسسات المعنية بالتنقيب عن الحفريات الأثرية.

وقد أكدت النتائج أن صناعة الفخار والخزف ظهرت في العهد المرابطي، خلال القرن 11.

ومما نقلته بعض الوثائق التاريخية أن سكان آسفي لم يعتمدوا فقط في عملهم على صناعة الفخار، بل امتد نشاطهم ليشمل أنشطة تجارية مختلفة، مثل: صيد الأسماك.

مقتنياته

يحتوي المتحف الوطني للخزف في مدينة آسفي المغربية على ما يزيد عن 450 قطعة من الفخار والسيراميك، والتي باتت مع مرور الوقت ذات قيمة ثقافية وتاريخية لا يستهان بها.

وقد جُلبت معظم هذه القطع التي يضمها المتحف من بعض المتاحف المغربية، مثل: متحف تطوان الأثري، ومتحف القصبة في طنجة، ومتحف الوداية في الرباط، ودار جامع بمكناس.

فساهم تبرع العديد من هواة الفخار والخزف في ضم أشكال عديدة من تلك القطع التي يعرضها المتحف ضمن مقتنياته.

وجاءت هذه التبرعات من جانب بعض المسئولين في آسفي، وعدد من المشتغلين بمهنة الخزف من سكان المدينة.

تبلغ مساحة المتحف 900 متر مربع، ويضم 5 أجنحة، رُتب فيها الخزف حسب: المنطقة الجغرافية، والتسلسل الزمني، والأسلوب الفني.

تتعدد الأجنحة به مثل:

جناح الخزف الأركيولوجي

يحتوي على قطع من الخزف الأثري، يعود أصلها إلى 4 حقب تاريخية، لحضارات تفاعل معها المغرب كالفينيقيين والرومان.

بالإضافة إلى تحف تخص الحضارة العربية الإسلامية في فترة ازدهارها خلال العصور الوسطى وحتى منتصف القرن 16.

الفخار القروي

يعرض نماذج من الفخار الذي اشتهرت به القرى المغربية، والذي باتت قطعًا منه نادرة الاستعمال، مثل: الممخضة الطينية، وأخرى لازال استخدامها حاضرًا إلى اليوم كالأطباق.

إلى جانب أصناف أخرى، صار استخدامها فقط كديكور، يعطي شكل جمالي مقبول للمكان الذي توضع فيه، ويشتمل هذا الجناح على نماذج للخزف الملمع، والفخار القروي المصنوع في المناطق الجبلية.

بالإضافة إلى خزف بعض المدن الكبرى، مثل: تطوان وفاس ومكناس، والتي ترجع إلى القرن 18.

الجدير بالذكر أن أغلب هذه القطع المعروضة في الجناح القروي يعود تاريخ صناعتها إلى القرن 19 وبدايات القرن 20.

جناح خزف فاس ومكناس

خُصص لمعظم خزف مدينة فاس والتي يرجع تاريخها إلى القرن 19، إلى جانب عينات منتقاة بعناية من خزف مكناس، وقد تميزت النماذج الزخرفية لكلاهما باللون الأزرق.

هذا بالإضافة إلى مجموعة من الخزفيات ذات الألوان المتعددة، وقطع معمارية كنموذج للمعمار المغربي خلال القرن 19.

خزف آسفي

اهتم هذا الجناح بإبراز أشكال الخزف الذي اشتهرت به مدينة آسفي خلال القرن 20.

جاء ذلك بداية من خزفيات المعلم العمالي ومعاصريه، وانتهاءً بخزفيات أجيال ما بعد الاستقلال، منذ فترة الستينيات وحتى سنوات الألفية الأولى من القرن 21.

جناح الخزف المعاصر

يضم الجناح تحفًا لقطع زخرفية، صنعت في العصر الحديث، خلال العقود الأخيرة من القرن 20، بمدينتي فاس وآسفي.

ويتميز خزف هذا الجناح بطابعه الحداثي، وبروح الابتكار والابداع، التي تعبر عن الأصالة المغربية.

ولا يقتصر المتحف الوطني للخزف على هذه الأجنحة فقط، لكنه مزود بعدد من القاعات، التي تختلف استخداماتها.

ومن هذه القاعات، توجد قاعة مخصصة لتقديم العروض البصرية، وأخرى لاستقبال الزوار، وثالثة لتقديم الأنشطة التربوية، ورابعة لحفظ الوثائق، بالإضافة إلى وجود مرافق إدارية للعاملين فيه.

مواعيد الزيارة

يمكنك زيارة متحف آسفي الأثري في أي وقت تريده، طوال أيام الأسبوع، فيما عدا يوم الثلاثاء، حيث يفتح المتحف أبوابه أمام الزوار من الساعة 10 صباحًا حتى 6 مساءًا.

أشهر المطاعم القريبة من المتحف

بعد انتهاء جولتك في المتحف، عليك أن تجرب بعض الأكلات الشهيرة هناك، ففي آسفي تنتشر العديد من المطاعم المميزة، ذات الاطلالات الساحرة، حيث تقع معظمها في أماكن متميزة، وبالقرب من البحر.

ومن هذه المطاعم نذكر

  •  Chez Hosni‬.
  •  Riad du Pêcheur‬.
  •  Restaurant Chez Said‬.
  •  Le Filet du Pêcheur‬.
  •  Le Phare‬.
  •  Restaurant Chez Aicha.‬
  • Glass house.‬
  • Gegene‬.
  •  Restaurant Garibaldi‬.
  •  MARE BLEU‬.

أما عن الأكلات التي تشتهر بها المغرب، فهي كثيرة ومتنوعة، مثل: الكسكس المغربي، والبسطيلة، وطاجن اللحم، والحريرة، والطنجية، والسفة المدفونة بالدجاج.

ومن أصناف الحلويات الشهيرة، هناك الشباكية، والبقلاوة، وكعب الغزال، وحلوى وردة اللوز.

أفضل الفنادق في المدينة

عند قدومك إلى مدينة آسفي المغربية، من أجل زيارة متحفها الأثري، لا شك أنك قد ترغب في أخذ قسط من الراحة، وهذا ما يدفعك إلى البحث عن أماكن تصلح للإقامة المؤقتة فيها.

وتتعدد هذه الأماكن ما بين وحدات سكنية تؤجر بشكل يومي أو شهري حسب الرغبة، وفنادق على أعلى مستوى، لذلك عليك أن تختار ما يناسبك حسب الميزانية المتاحة لديك.

ومن أسماء هذه الفنادق:

  • فينيثيا بلاثا ثينتر.
  • كاجوال فينتيدج فالنسيا.
  • فندق سان لورينزو بوتيك.

الخلاصة

يعتبر المتحف الوطني للخزف في مدينة آسفي، أحد أشهر وأقدم المتاحف التي تشتهر بها المغرب، حيث يحتوي على أشكال مختلفة من الفخار والخزف، يبلغ عددها قرابة 450 قطعة.

وقد بلغت تكلفة ترميم المتحف وتجديده نحو 4.5 مليون درهم، وتصل مساحته إلى 900 متر مربع.

ويضم المتحف 5 أجنحة هي:

  • الخزف الاركيولوجي.
  • الفخار القروي.
  • خزف فاس ومكناس.
  • خزف آسفي.
  • الخزف المعاصر.

الاسئلة الأكثر شيوعاً

أين يقع المتحف الوطني للخزف؟ وكم تبلغ مساحته؟

يقع المتحف في مدينة آسفي المغربية، وتبلغ مساحته 900 متر مربع.

ماذا يضم المتحف الوطني للخزف في آسفي؟

يضم المتحف أشكال زخرفية غاية في الإبداع، لقطع من الرخام والخزف، الذي اشتهرت به المدن والقري المغربية على مدى عصورها، إذ يصل عددها إلى ما يزيد عن 450 قطعة.

مقالات ذات صلة
أضف تعليق: