حي لا كروا روس العريق في مدينة ليون الفرنسية

إن فرنسا بلد سياحي بامتياز، فهو يحتل المراكز الأولى من حيث عدد السياح عالميًا منذ سنوات.

وقد أحصى عام 2019 حوالي 90 مليون سائحًا من مختلف دول العالم، ومما يميز هذا البلد هو تاريخه العريق الذي يبدو ظاهرًا في معالمه السياحية.

فإذا كنت من هواة السياحة، وخاصة التاريخية منها، ندعوك لزيارة فرنسا، وخاصة مدينة ليون.

فهي مدينة عريقة ومناطقها جديرة بالزيارة، خاصة وأنها تمتاز بطبيعة خلابة وتنوع في التضاريس من جبال وهضاب وتلال.

مدينة ليون العريقة

ليون أو “Lyon”، من أشهر مدن فرنسا، فهي ثالث أكبر مدينة من حيث عدد السكان بعد مدينتي “مارسيليا” و”باريس”.

تقع في الجنوب الشرقي للبلاد ويمتاز مناخها بالبرودة الشديدة شتاءً، كما يميل للاعتدال في فصل الصيف.

وتشتهر أيضًا بتاريخ عريق يمتد لفترة الإمبراطورية الرومانية، فقد شيدت عام 43 ق.م وكانت عاصمة لبلاد الغال “Le Gaule”.

كما تحتوي هذه المدينة على العديد من المزارات السياحية التي تميزها عن باقي مدن فرنسا، وأهمها:

• كنيسة نوتردام دي فورفيري.
• المتحف الروماني.
• متحف توني جارنييه الحضري.
• تل لاكروا روس.

حي كروا روس “La Croix Rousse”

إن “كروا روس” أو كما يسمى “تل كرواروس” هو حي سكني في قلب المدينة العتيقة “Le Vieux Lyon”، ويُعتبر من أشهر مناطق المدينة السياحية والاقتصادية.

وذلك لتميزه بهندسة استثنائية للمنشآت والمباني التي توجد فيه، وأيضًا يشتهر بكثرة المحلات والدكاكين الصغيرة التي تعرض منتجات هذا الحي.

وتعرض هذه الدكاكين أيضًا تذكارات تعبر عن تاريخ الحي وذلك لعرضها للبيع للسياح.

ويُعرف كذلك يكثرة الحانات الشعبية، ويُعتبر محطًا لأنظار السياح الذين يحبون زيارة الأحياء العريقة والتاريخية.

ومن الجدير بالذكر أن ساكني هذا الحي يعتبرونه “قرية صغيرة” وذلك لتميزه عن كل الأحياء التي تجاوره، خاصة من الناحية الهندسة أو الكثافة السكانية.

كما أن التضاريس الموجودة فيه من هضاب وتلال أسهمت في فصله عن بقية الأحياء المجاورة له، وهذا ما جعل قاطنيه يعتبرونه “قرية” وليس حيًا فقط.

تاريخ الحي

يُعتبر هذا الحي من أقدم الأحياء الموجودة في ليون، فهو مأهول بالسكان منذ فترة الإمبراطورية الرومانية القديمة.

كان الحي في الماضي عبارة عن منطقة سكنية خاصة بعمال النسيج، وذلك في القرن التاسع عشر.

وكان يُسمى أيضًا سابقًا بـ”التل الذي يعمل” دلالة على كونه من أفضل المناطق الصناعية، حيث أنه القلب النابض للنسيج في المنطقة، والبلد ككل.

هندسة المنشآت

يمتاز هذا الحي العريق بهندسته الفريدة من نوعها، حيث أن سكان هذه الحي قد أنشأوا المباني بشكل مناسب لنوع الصناعات السائدة في المنطقة آنذاك، وأهمها صناعة النسيج.

وتشتهر هذه المنشآت بالنوافذ الكبيرة والغرف الواسعة، وذلك لأن صناعة النسيج تتطلب الإضاءة الجيدة التي توفرها أشعة الشمس والتي تنفذ إلى الغرف عن طريق النوافذ.

كما تحتاج آلات النسيج غرفًا واسعةً بسبب كبر حجمها.

ومما يميز مدينة ليون أيضًا، وهذا الحي بالتحديد هو وجود نوع من الممرات السرية التي تربط بين المباني.

والتي تُدعى بـ“Les Traboules”، وتربط بين المباني والمنشآت الموجودة في هذا الحي.

وكانت هذه الممرات تسهل تنقل النسّاجين ومنتجاتهم من النسيج دون أن تتأثر هذه السلع بحالة الجو السيئة وكذلك لنقلها خفية عن أنظار الناس.

ما يميز “لاكروا روس”

إذا أردت أن تجرب “السفر عبر الزمن” فهذا المكان مناسب جدًا لذلك.

فمن مميزات هذا الحي هو جمعه لعراقة الهندسة وتفردها وحداثة الأعمال الفنية للفنانين الشباب على واجهات المحلات داخله.

فالزائر له سيشعر بأنه يتنقل بين العصور، وذلك عند زيارته لورشات النسيج القديمة، ثم انتقاله للمحلات الحديثة التي زين الفنانون واجهاتها بجداريات فنية.

ومن المعروف أيضًا أن الحي يدعو بـ”الحي البوهيمي”، دلالة على اختلافه وتميزه عن الأحياء التي تجاوره.

فالبوهيمية هي نمط عيش مختلف وفريد من نوعه وقديم نوعًا ما.

ومن الجدير بالذكر أن علامة “هيرمس” التجارية الخاصة بالملابس مازالت إلى الآن تنتج منسوجاتها في أنحاء مدينة ليون، وفي هذا الحي بالتحديد.

نشاطات يمكن القيام بها في “لاكروا روس”

بما أن هذا الحي هو عبارة عن “قرية صغيرة” فمن المؤكد أن هناك العديد من النشاطات التي تستطيع القيام بها عند زيارته، وأهمها:

أولا: زيارة منزل النسّاجين “Maison des Canuts”

إن هذا المنزل عبارة عن ورشة نسيج وحياكة يديرها زوجان فرنسيان وتعرض ما يقومان به من أعمال في حياكة النسيج وتصنيعه.

كما تعرض هذه الورشة العديد من آلات النسيج العتيقة التي تم جمعها من الورشات القديمة الموجودة في الحي نفسه.

ومن الجدير بالذكر أن هذه الورشة تعرض منتجاتها من منسوجات وأقمشة للبيع أيضًا.

وهذا ما يجعلها مميزة، فهي تمثل متحفًا لعرض هذه المنتجات، ومحلًا لبيعها أيضًا.

وتصنع هذه الورشة العديد من المنتجات بغرض عرضها وبيعها للسياح منها:

• أوشحة وشالات حريرية.
• ربطات عنق
• إطارات وصور منسوجة تستعمل في الديكورات.
• كتب مصنوعة من النسيج.

كما تسمح لك الورشة كسائح باستعمال وتجربة آلات النسيج مما يمنحك تجربة شعورية لا تُنسى.

ثانيًا: زيارة مكان “Fresque des Canuts”

إذا كنت من محبي الفنون الحديثة فهذا المكان المثالي للسياحة بالنسبة لك.

وهو عبارة عن عمل فني أنجزه فنانون عام 1987، ويمثل جدارية ضخمة على واجهة إحدى منشآت حي “لاكروا روس”.

وهو أكبر عمل فني من هذا النوع في أوروبا كاملةً، حيث يمتد على مساحة 1200 متر مربع.

كما يجدد الفنانون هذه الجدارية كل فترة من الزمن، وآخر مرة كانت عام 2013.

ومن الجدير بالذكر أن هذه الجدارية تعبر عن الحياة الاجتماعية وتطوراتها في الحي، وذلك بتصويرها مراحل حياة الأشخاص الموجودين فيها.

ففي أول مرة رسم الفنانون فيها هذه الجدارية كان هناك طفل يركب على دراجة، ثم عند تجديده رُسم الطفل كرجل بالغ، وبعد تجديده مرة أخرى رُسم كشخص مُسن.